الصفحة الرئيسية عرض المشاركات
موضوع الحوار: أزمة السيولة تجبر الشركات على اكتشاف طرق جديدة للعمل

بلغت الأزمة المالية العالمية عامها الأول، إذ بدأت شرارتها الأولى من الولايات المتحدة الأمريكية مع بدايات الربع الأخير من العام 2008م الماضي، لتبلغ عامها الأول حالياً دون بارقة أمل في تجاوز تلك الأزمة وتداعياتها. وتجلت تداعيات الأزمة في أحد مظاهرها في أزمة سيولة دفعت الأسواق لحالة من الإنكماش والكساد الذي لم يسلم منه قطاع من القطاعات في معظم اقتصادات العالم.

ويقول خبراء الاقتصاد إن أزمة السيولة تبدأ في الظهور إذا زادت أو انخفضت السيولة المتداولة في الاقتصاد عن المستوى المطلوب، فإذا زادت السيولة في الاقتصاد يقال إن هناك حالة من  الإفراط في السيولة أو الإفراط النقدي، مما يؤدي إلى زيادة الأسعار وارتفاع معدلات التضخم، ويجد الفرد العادي أن لديه كمية كبيرة من النقود ولكن لا تشتري إلاَّ القليل من السلع، وهنا يقع الأفراد فيما يعرف بخداع النقود، أي أن كمية النقود لا تعبِّـر عن قيمتها، أما إذا قلَّت السيولة في الاقتصاد فإن هذا يخلق نوعًا من الركود يؤثر على النشاط الاقتصادي للأسواق، ولا يجد الفرد النقود التي يشتري بها السلع رغم أن أسعارها منخفضة.

أنواع أزمات السيولة

أزمات طويلة الأجل: وتحدث عندما تعجز الدولة عن تمويل نفقاتها العامة أو تكون طموحاتها ومشروعاتها أكبر من القدرة الاستيعابية للاقتصاد على تمويل هذه الطموحات والمشروعات، وفي الغالب تضطر الدولة إلى الاقتراض من الخارج وهو ما يجعلها تقع في مصيدة الديون.
أزمات مؤقتة: وهي تحدث بسبب معدلات النمو العالية والسريعة في الاستثمارات التي تمتص السيولة من الأسواق، وخاصة إذا كانت هذه الاستثمارات في مشروعات تحتاج إلى وقت طويل حتى تدر عائدًا.
وقد تحدث أزمات السيولة بصفة عامة بسبب سياسات اقتصادية غير ملائمة، مثل السياسات الانكماشية الجائرة التي تمتص السيولة من الأسواق بحجة تحقيق التوازن المالي والنقدي وتخفيض معدلات التضخم وعجز الموازنة.

التجارب الدولية والحلول التقليدية لأزمة السيولة

وَقَعَت دول كثيرة في مشكلة السيولة وانعكست هذه الأزمة في الغالب في ظهور حالة من الركود في الاقتصاد، ومن هذه الدول دول جنوب شرق آسيا ودول أمريكا اللاتينية وروسيا والولايات المتحدة الأمريكية نفسها، وقد أدت هذه الأزمة إلى زيادة العجز في موازين المدفوعات والموازين التجارية في هذه الدول وارتفعت معدلات البطالة وانكمشت الصادرات، وهذا جعل البنك الدولي وبعض دول العالم تتحرك للتغلب على هذه المشكلة حتى لا تضر بالاقتصاد العالمي ككل.

طرق الخروج من أزمة السيولة

تنشيط الدورة الاقتصادية والأسواق من خلال زيادة الصادرات وفتح أسواق جديدة وتنشيط الحركة السياحية.
اتباع سياسة توسُّعِيَّة من خلال خفض سعر الفائدة لتشجيع الاقتراض والإنفاق الاستهلاكي.
وضع سياسات لتحقيق مزيد من العدالة في توزيع الدخول لمنع الازدواج في الاقتصاد وتنشيط الطلب الفعال.
زيادة وخلق فرص للعمل للتغلب على البطالة ولتحقيق دخول للمتعطلين حتى يقبلون على الاستهلاك.
ضبط تدفُّقات رأس المال بين الاقتصاد والعالم الخارجي.

أزمة السيولة في الشركات

تعرَّض لانس ميور في كتابه «إدارة السيولة في الشركات» إلى أزمة السيولة ووصفها بأنها حالة تصل إليها الشركة عندما تزيد المدفوعات الواجبة عليها عن الإيرادات المستحقة لها، خلال فترة زمنية محددة. وإذ تعجز الشركة عن الوفاء بالمدفوعات المستحقة عليها في أوقات السداد المتعاقد عليها مسبقاً، تواجه عدداً من المخاطر والمشكلات ليس أقلها اهتزاز مصداقيتها لدى الموردين والعاملين وربما العملاء.

المركز المالي

الاستخدامات (الأصول):
 وهي تتكون من:
أصول متداولة، مثل السيولة النقدية وحسابات المدينين والمخزون.
أصول ثابتة، مثل الأراضي والمباني.
المصادر (الخصوم):
وهي تتكون من:
خصوم متداولة، مثل القروض قصيرة الأجل، وكمبيالات الدفع وحسابات الدائنين والموردين والتزامات الضرائب.
خصوم ثابتة، مثل الأسهم وحقوق المساهمين والأرباح المحتجزة من الأعوام المالية المنصرمة.

رأس المال العامل

 يقصد برأس المال العامل جميع الأصول المتداولة التي تمتلكها الشركة من نقدية بالخزينة وأوراق مالية وحسابات مدينة ومخزون بالمستودعات. أما صافي رأس المال العامل فهو ذلك الجزء المتبقي من الأصول المتداولة بعد افتراض سداد كل الخصوم المتداولة (الحسابات الدائنة، الموردين، أوراق الدفع والكمبيالات، مستحقات للغير، ضرائب). فإذا كانت قيمة صافي رأس المال العامل سالبة فهذا يعني أن الإدارة قد استخدمت أموال القروض التي ترتب عليها التزامات قصيرة الأجل في تمويل أصول ثابتة لا يظهر أثره على الخصوم المتداولة إلاَّ بعد فترة طويلة الأجل.

مصادر السيولة

إيرادات المبيعات والمدفوعات المقدمة للتعاقد.
التمويل الخارجي سواء كان على هيئة قروض أو إعانات من بنوك أو هيئات أخرى.
طرح أسهم جديدة.

الائتمان التجاري

يقوم التعامل في كثير من الأسواق التجارية على أساس الائتمان التجاري قصير الأجل. ولذا تلجأ العديد من الشركات لعمليات شراء مؤجلة السداد إذا ما تعذر عليها توفير السيولة النقدية للشراء نقداً. وهذا يعني أنه بإمكان كثير من الشركات تحقيق هوامش ربح مرتفعة حتى لو لم يكن لديها أصول جارية أو سيولة نقدية كافية لمواجهة نفقات التشغيل الجارية.
فهل يعني هذا أنه لا لزوم لإدارة السيولة النقدية، طالما أمكن تأجيل السداد، وطالما أمكن التعامل بالائتمان؟
والحقيقة هي أن العكس هو الصحيح. ففي حالات التعامل بالائتمان يحتاج المدير المالي إلى التنبؤ بالاحتياجات المالية والتدفقات النقدية بدقة أكثر مما يفعل المدير المالي الذي يعمل في شركة تعتمد على مصادرها الداخلية للتمويل.

طريقة التنبؤ بالاحتياجات النقدية

يبدأ التنبؤ من الخلف إلى الأمام، أي من رقم المبيعات المتوقع ثم يمضي ليحدد كمية الإنتاج والمواد الخام والمشتريات، ويتم ذلك بعد دراسة كميات المخزون. ومن واقع خطة الإنتاج يتم وضع ميزانية الأجور ويتم تقدير تكاليف التشغيل ومواقيتها. كذلك يتم إعداد الميزانية النقدية التقديرية والتي توضح المدفوعات والمحصلات الشهرية أو ربع السنوية المتوقعة.

الميزانية النقدية التقديرية

تهدف الميزانية النقدية التقديرية إلى تمكين الشركة من التعرف على احتياجاتها النقدية في الأجل القصير. فإذا تبين من هذه الميزانية أنه يمكن تحقيق فائض أو زيادة في السيولة عن الاحتياجات، يتم اقتراح وسيلة جديدة للاستثمار في الأجل القصير. أما إذا ظهر احتمال وجود عجز في النقدية المطلوبة، فإن هذا يدفع الشركة إلى التفكير في وسيلة لسد هذا العجز المتوقع، قبل حدوثه فعلاً.

اختلاف الموازنات باختلاف الأمزجة

هناك المدير المتفائل الذي يفضل الخطة المالية الطموحة بناءً على أرقام مبيعات متفائلة، ويرى أن ذلك يحفز الموظفين على الإنجاز بإزالة القيود عن الموارد.
هناك المدير المتشائم الذي يفضل الميزانيات المتقشفة ويتوقع الأسوأ من تدني أرقام المبيعات وتسرب العملاء، ويعتقد أن هذا يدفع الموظفين إلى تحقيق أفضل إنجاز بأقل موارد.
هناك المدير المتذبذب الذي لا يكف عن استعراض سيناريوهات المستقبل ووضع الخطط والموازنات البديلة مع قياس إتجاه التطورات وإدخال التعديلات والتغييرات، بصفة مستمرة. وقد يبدو أن هذا هو أفضل مديري المالية لولا عيب واحد، وهو تضارب قراراته وعدم تجانسها.

مفارقات التخطيط والأداء المالي

تسرف معظم الشركات في التفاؤل عند تقدير أرقام المبيعات وكميات الإنتاج للعام المالي الجديد. كذلك يعتقد المديرون أن الموازنة المالية يجب أن تكون متفائلة وإيجابية، فمن يجرؤ على التنبؤ بانخفاض المبيعات للعام الجديد؟
هكذا تميل معظم الشركات إلى توقع زيادة مبيعاتها وأرباحها، كل عام جديد، رغم أن زيادة مبيعات شركة لابد أن يؤدي إلى نقص مبيعات شركة أخرى، أو ينتج عن نمو حقيقي في السوق.
وبذلك تقوم الشركات بوضع خطط وموازنات مالية متفائلة، فرقم المبيعات المتزايدة يتطلب زيادة أعداد مندوبي المبيعات والموارد التي تخصص لقسم المبيعات. كذلك يتطلب زيادة الإنتاج وهو ما يعني شراء كميات أكبر من المواد الخام وتشغيل المزيد من العاملين لساعات إضافية. وهكذا يتسابق مدير كل قسم في القيام بدوره المحدد في الخطة الجديدة وهو إنفاق كل المخصصات المتاحة للقسم في الأوجه المحددة لإنفاقها. وتكون النتيجة أن كل فرد في الشركة يقوم بدوره، ولكن قد ينسى العملاء القيام بدورهم وهو شراء منتجات الشركة نتيجة تغير ظروف السوق مثلاً.
ولكي نتجنب الوقوع في مصيدة مفارقات التخطيط والأداء المالي، علينا أن نعرف أنه لا غبار على التفكير في الأجل الطويل لكن بشرط أن نتصرف طبقاً لاعتبارات الأجل القصير. واعتبارات الأجل القصير هي اعتبارات المحافظة على السيولة الحالية وتأمين التدفقات النقدية المستقبلية.

درجة السيولة

يحدث الإعسار المالي والإفلاس نتيجة سوء إدارة الحسابات الجارية والتي تتضمن الأصول المتداولة والخصوم المتداولة. فلابد من توافر حد أدنى معين من النقدية لزوم مواجهة الإلتزامات واجبة السداد الفوري، وإلاَّ وقعت الشركة فريسة للإعسار المالي والإفلاس.
وتقاس درجة السيولة بمدى قدرة الشركة على سداد التزاماتها التي يحل أجل سدادها. ويمكن قياس هذه المقدرة بحجم الأموال السائلة التي يمكن للشركة تدبيرها وقت الحاجة والتي يدل عليها مؤشر نسبة السيولة السريعة ونسبة المخزون من صافي رأس المال العامل.

درجة المخاطر

تقاس درجة المخاطرة باحتمالات توقف الشركة أو عجزها عن سداد التزاماتها في مواقيت السداد، أي عندما تصل إلى حالة الإعسار. وهذا يعني أن درجة المخاطرة تقل كلما زادت درجة السيولة بالشركة. فهناك علاقة عكسية بين المخاطر والسيولة. ولكي تنخفض درجة المخاطرة إلى أدنى حد لها يجب أن تصل درجة السيولة بالشركة إلى أعلى حد لها.

نقطة التعادل

على المدير المالي أن يحدد مستوى الإنتاج والمبيعات الذي يمكن أن يحقق للشركة ربحاً مناسباً ويغطي كافة عناصر التكاليف. وهو يبدأ بدراسة نقطة التعادل، وهي تلك النقطة التي تتعادل عندها إيرادات المبيعات مع التكاليف الكلية. أي أنها النقطة التي لا تحقق عندها الشركة أية خسارة أو ربح. ولكي تحقق الشركة أرباحاً عليها أن تزيد مبيعاتها إلى الحد الذي يعلو على مبيعات نقطة التعادل، أو أن تقلل تكاليفها الكلية عن الحد الذي قل عن التكاليف الكلية عند نقطة التعادل. وعندما تصل الشركة إلى هذه النقطة نستطيع أن نقول إنها وصلت إلى نقطة كفاءة التشغيل. وعند هذه النقطة تظهر الأرباح وتزداد بزيادة المبيعات، فتظهر العلاقة التالية:
كفاءة التشغيل = التغير في الربح / التغير في المبيعات.

نقطة التعادل النقدي

هي تلك النقطة التي يتم عندها التعادل بين المصروفات والإيرادات النقدية في فترة معينة، عند حجم محدد للمبيعات. ويهتم المدير المالي بقياس نقطة التعادل النقدي ليتعرف على حجم المبيعات الذي يغطي كافة المصروفات النقدية التي ستدفع للغير. وتصلح نقطة التعادل النقدي للتخطيط قصير الأجل فقط لمدة لا تزيد عن عام، ذلك أنه من الصعب تضمينه مصروفات نقدية مثل بنود البحوث والتطوير والتي تتطلب في كثير من الأحيان انقضاء عدد من السنوات قبل ظهور أثرها على المبيعات.

المؤشرات المالية

تفيد المؤشرات أو النسب المالية في تحليل البيانات المالية للشركة وتلقي الضوء على المشكلات والاختناقات التي يحتمل وجودها والتي تؤثر على المركز المالي للشركة. ولا توجد نسب مالية محددة لقياس أداء الشركات ولكن يمكن للمدير المالي أن يقارن أي بندين من بنود البيانات المالية ليدرس علاقة التأثير المتبادل بينهما. ولذلك تتغير النسب المالية تبعاً لمهارة المدير المالي للشركة ومدى حاجته لتحليل أداء الشركة. وفيما يلي بعض أهم هذه المؤشرات المالية:

نسبة السيولة السريعة

وهي مؤشر لمدى تغطية الأصول المتداولة سريعة التحول إلى نقدية (فوراً) للالتزامات واجبة السداد (فوراً).
نسبة السيولة السريعة = (الأصول المتداولة - المخزون)/الخصوم المتداولة.
نسبة السيولة السريعة = (النقدية + مدفوعات مقدمة للتعاقد + الأوراق المالي + المدينون + المخزون - المخزون)/ (قروض البنوك قصيرة الأجل لمدة عام + أوراق الدفع والكمبيالات + الموردين + مستحقات الضرائب).
وتعتبر نسبة واحد صحيح مناسبة لأنها تعني أن الشركة يمكنها مواجهة التزاماتها سريعة السداد فوراً.أما إذا زادت نسبة السيولة السريعة عن الواحد الصحيح, فهذا معناه زيادة درجة السيولة بالشركة.

العلاقة بين السيولة والمخزون

يعتبر صافي رأس المال العامل حجر الأساس في توفير السيولة اللازمة للشركة. ولكن المخزون يقتطع الجزء الأكبر من صافي رأس المال العامل، وهو أصل يصعب أن يتحول إلى نقدية فورية بسهولة. فلا يجب إذن أن يقع المدير المالي في مصيدة تكديس المخازن بالبضائع، بل عليه ألاَّ يحتفظ إلا بالحد الأدنى من المخزون بما يخدم خطط البيع والتسويق متوسطة الأجل. ومن هنا فإن الخطوة الأولى للتخلص من الأزمات النقدية هي التخلص من المخزون الفائض وتحويله إلى نقدية.

 

 

 

 

دون رأيك في الموضوع المطروح للبحث حتى نتمكن من إشراك الزوار الآخرين في الاطلاع على أفكارك والرد عليها.

الاسم :

البريد الألكتروني  :  

إضافة التعليقات                                                                                                               


           



Copyright © 2008  [أكوليد]. كافة الحقوق محفوظة.
المكتب الإقليمي - الرياض IT Section